حقيقة العلم : هي ملكة تحصل في الشخص بحسب استقرائه لضوابط العلم وقوانينه يقدر بسببها أن يدفع جميع وجوه الإشكال والتلبيس عن ذلك العلم وأن يأتي باستشهادات تفصل حقائق ذلك العلم ، من مجازاته وارتباط لوازمه من ملزوماته وانفصال ما يوجب الفرق بين متفرقاته من غير أن يسمع ذلك من مدارسة كتب ولا تعليم ولا مطالعة كتب ولا تفهيم بل بحسب ما تعطيه القوة الملكية لا الصورة المنقولة والمنقولة عندهم إما عن قوة ضرورية وإما عن أسماع خبرية .

أول [ أجزاء العلم ] : الحمل للمعلومات …
الثاني : عدم التضييع …
الثالث : معرفة اللغات وأصوات الحيوانات والجمادات …
الرابع : معرفة العواقب …
الخامس : معرفة العلوم المتعلقة بأحوال الثقلين …
السادس : معرفة العلوم المتعلقة بأحوال الكونين أعني العالم العلوي والعالم السفلي …
السابع : انحصار الجهات في جهة واحدة وهي جهة الأمام وهي من أجزاء العالم
الكامل

والعلم ذو فضائل كثيرة :
فرأسه : التواضع ، وعينه : البراءة من الحسد ، وأذنه : الفهم ، ولسانه : الصدق ، وحفظه : الفحص ، وقلبه : حسن النية ، وعقله : معرفة الأشياء والأمور ، ويده : الرحمة ، ورجله : زيارة العلماء ، وهمته : السلامة ، وحكمته : الورع ، ومستقره : النجاة ،
وفائدته : العافية ، ومركبه : الوفاء ، وسلاحه : لين الكلمة ، وسيفه : الرضا ، وجيشه : محاورة العلماء ، وماله : الأدب ، وذخيرته : اجتناب الذنوب ، وزاده : المعروف ، ومأواه : الموادعة ، ودليله: الهدى ، ورفيقه : محبة الأخيار … العلم ، تحفة في المجالس ، وصاحب في السفر ، وأنس في الغربة

وقد صدق من زعم اليوم أن العلم هو السعادة فإنه صادق بأن العلم هو السعادة وبه أقول ، ولكن فاته ما أدركه أهل الكشف وهو أنه إذا أراد الله شقاوة العبد أزال عنه العلم فإنه لم يكن العلم له ذاتياً بل اكتسبه وما كان مكتسباً فجائز زواله ويكسوه حلة الجهل ، فإن عين انتزاع العلم جهل ولا يبقى عليه من العلم إلا العلم بأنه قد انتزع عنه العلم ، فلو لم يبق الله تعالى عليه هذا العلم بانتزاع العلم لما تعذب ، فإن الجاهل الذي لا يعلم أنه جاهل ، فارح مسرور لكونه لا يدري ما فاته

وحقيقة العلم : هو السمع والمشاهدة

الجهل :
في اللغة :
جَهْلٌ :1. خلاف المعرفة .
2. [ في اصطلاح أهل الكلام ]: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه (المعجم العربي الأساسي – ص 274 ) .
في القرآن الكريم :
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (24) مرة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : ( إِنّي أَعِظُكَ أَنْ تَكونَ مِنَ الْجاهِلينَ )( هود : 46 ) .
الإمام جعفر الصادق عليه السلام :
يقول : الجهل : صورة ركبت في الدنيا ، إقبالها ظلمة وإدبارها نور ، والعبد متقلب معها كتقلب الظل مع الشمس . ألا ترى الإنسان تجده جاهلاً بخصال نفسه حامداً لها ، عارفاً بعيبها في غيره ، ساخطاً لها ، وتارة تجده عالماً بطباعه ساخطاً لها ، حامداً لها في غيره وهو متقلب بين العصمة والخذلان . فإن قابلته العصمة أصاب ، وإن قابله الخذلان أخطأ (عادل خير الدين – العالم الفكري للإمام جعفر الصادق – ص 285 ) .
الشيخ أبو يزيد البسطامي :
حقيقة الجهل : الغفلة عن ذكر الله تعالى (الشيخ قطب الدين الدمشقي – مخطوطة المشيخة – ص 390 ( بتصرف ) ) .
الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
يقول : الجهل : هو أن يكون هو إمام نفسه ، ولا يكون له إمام يقتدي به (د . محمد كمال إبراهيم جعفر – تراث التستري الصوفي – ص 223 . ) .
ويقول : الجهل : هو الدنيا (د . محمد كمال إبراهيم جعفر – تراث التستري الصوفي – ص 223 . ) .
الشيخ محمد بن عبد الجبار النفري :
يقول : الجهل : هو خاطر العلم (بولس نويا اليسوعي - نصوص صوفية غير منشورة ، لشقيق البلخي – ابن عطاء الادمي – النفري – ص 255 ) .
ويقول : قال لي [ الحق ] : الجهل : مناجاة الخلق كيف كانوا وأين كانوا (المصدر نفسه – ص 246 ) .
الشيخ أحمد الرفاعي الكبير :
يقول : يقال : الجهل : كله موت ، إلا من يرزقه الله العلم (الشيخ أحمد الرفاعي - حالة أهل الحقيقة مع الله – ص 155 ) .
الشيخ أبو الحسن الجوسقي :
يقول : الجهل : هو الغرور (الشيخ محمد بن يحيى التادفي الحنبلي – قلائد الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر – ص 102 ) .
الإمام فخر الدين الرازي :
يقول : « الجهل : هو عبارة عن اعتقاد غير مطابق (الإمام فخر الدين الرازي – التفسير الكبير – ج 2 ص 75 ) .
الشيخ عبد الغني النابلسي :
الجهل : هو عدم العلم بالشيء على ما هو عليه ، فيجزم بشيء ولا شيء . فترى الكافر قاطعاً بعقيدته الفاسدة ، شارحاً بها صدره . وهو من منازل الكفر الخمسة : الشك ، والعناد ، والتوهم ، والغرور (الشيخ عبد الغني النابلسي – أسرار الشريعة أو الفتح الرباني والفيض الرحماني – ص 201 ( بتصرف ) ) .
أقسام الجهل :
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
الجهل ... هو عدم العلم بالمقصود وهو على قسمين : بسيط ومركب .
فالبسيط : أن يجهل ويعلم أنه جاهل .
والمركب : أن يجهل جهله .
وأقبح الجهل : الجهل بالله وإنكاره بعد طلب معرفته (الشيخ أحمد بن عجيبة – إيقاظ الهمم في شرح الحكم – ج 1 ص 48 ) .
في أسباب الجهل :
يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين :
الجهل يحدث من جملة أشياء وهي :
الكسل ، والملل ، والغفلة ، وفساد الذهن ، وقلة الاحتمال ، وسوء الأخلاق ، وعدم الانقياد ، والركون إلى الراحة ، والرجاء في المستقبل ، والتسويف ، والفرح بالتقليد ، والنفور من الاجتهاد ، وحب الرئاسة العمل لها ، ومخالطة المفسد والمجان ، وكسب العرض والانفراد بالمذهب ، والبحث عن الشيء دون معلم ، وأخذ الموافق من الأمور الشهوانية ، وترك المخالفة للنفس الحيوانية ... وأن تغلب الشهوات البدنية على الإدراكات العقلية ، وخلطة العامة والأميين وأهل البدع والأهواء ، وبالجملة عدم القبول والاستعداد ، وسوء البخت في التربية والمعاشرة ، والمزاج المنحرف ، والتركيب الخسيس ، والمنشأ الخلف (الشيخ عبد الحق بن سبعين – بد العارف - ص 350 ) .
في حقائق الجهل :
يقول الشيخ أحمد زروق :
من حقائق الجهل ثلاث : الفرار عن الحق ، واتباع الباطل ، والحكم بما لا
يصح (الشيخ أحمد زروق – شرح الحكم العطائية – ص 80 ) .
في البحر الذي خلق منه الجهل :
يقول الشيخ عبد الحميد التبريزي :
خلق [ الله تعالى ] الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً (الشيخ عبد الحميد التبريزي – مخطوطة البوارق النورية – ورقة 183 أ ) .
في الأشد من الجهل :
يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
ما عصى الله أحد بمعصية أشد من الجهل .
قيل : يا أبا محمد هل تعرف شيئاً أشد من الجهل ؟
قال : نعم ، الجهل بالجهل (الشيخ إسماعيل حقي البروسوي – تفسير روح البيان – ج 6 ص 366 ) .
الجهل بين الكفر الصراح وصريح الإيمان :
يقول الشيخ أبو العباس التجاني :
الجهل بالله تعالى عين الكفر الصراح المجمع على خلود صاحبه في النار أبداً .
والجهل بالله تعالى هو عين المعرفة بالله تعالى وصريح الإيمان المجمع على خلود صاحبه في الجنة أبداً .
فأما الجهل الذي هو عين الكفر : فهو الجهل بمرتبة ألوهيته بما تستحقه من الكمالات واللوازم والمقتضيات ، وما تتنـزه عنه من وجوه المستحيلات ، فهذا هو عين الكفر بالله .
وأما الجهل الثاني : فهو الجهل بالحقيقة ، الذي هو كنه الذات من حيث ما هي هي ، فإن هذا الجهل هو صريح الإيمان ، وكمال المعرفة بالله ، إذ حقيقة العجز عن درك المعرفة بالكنه هو حقيقة الإيمان بالله ، ومن ادعى معرفة الكنه فقد كفر (الشيخ علي حرازم ابن العربي - جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبو العباس التجاني – ج 2 ص 98 ) .
في أجهل الناس بنعم الله :
يقول الشيخ أبو عثمان الحيري النيسابوري :
أجهل الخلق بنعم الله : من استعملها في أنواع المعاصي ، ولم يقم بشكرها في أن يعمل بها في طاعة الله تعالى (الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي – حقائق التفسير – ص 648 ) .
في حد الجهل :
يقول الشيخ محمد بن عبد الجبار النفري :
حد الجهل : هو استتار العلم (الشيخ محمد النفري – كتاب النطق والصمت – ص 40 ) .
في حقيقة الجهل :
يقول الشيخ قطب الدين الدمشقي :
حقيقة الجهل : هي الغفلة عن ذكر الله (الشيخ قطب الدين الدمشقي – مخطوطة الرسالة المكية في الطريقة السنية – ص 41 ) .
في أنواع الجهالة :
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي :
الجهالة جهالتان :
جهالة الضلالة : وهي نتيجة إِخطاء النور المرشوش في عالم الأرواح .
وجهالة الجهولية : وهي التي جبل الإنسان عليها .
فمن عمل من الكفار سوأ بجهالة الضلالة فلا توبة له ، بخلاف من عمل سوأ من المؤمنين بجهالة الجهولية المركوزة فيه فإن له توبة (الشيخ إسماعيل حقي البروسوي – تفسير روح البيان – ج 3 ص 39 ) .